الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أولا: إنني فرحٌ ومسرورٌ بهذا الإقبال وبهذا التقبل، وأعتقد أن هذا التقبل وهذا الاهتمام دليل على محبة الخير، والحرص عليه في شباب المسلمين وفي عمومهم. ثانيا: أتكلم في هذه المقدمة على ثلاث مسائل من العلم: مسألة في فضله، ثم في حقيقته وماهيته، ثم في التحذير من العوائق التي تعوق عنه، وبعد ذلك نشتغل بالإجابة على الأسئلة.
فأما فضل العلم فقد وردت فيه أدلة كثيرة؛ مثل قول الله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
هذا الاستفهام يراد به الاستدلال على فضل العلم؛ كأن الجواب لا يستوون عند الله. ويدل عليه الآيات التي فيها نفي الاستواء بين الأشياء المتقابلة مثل قول الله:
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ
فُسر قوله:
الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ
؛ أن
الْأَعْمَى
هو الجاهل،
وَالْبَصِيرُ
هو العالم؛ وذلك لأن العلم نور يقذفه الله تعالى في قلوب من شاء من عباده، وقد ذكر ذلك الشافعي في أبياته المشهورة في قوله:
شكـوت إلى وكيـع سوء حفظـي | فأرشـدني إلـى تـرك المعــاصي |
وقـال اعلـم بـأن العلــم نـور | ونـور اللــه لا يؤتـاه عـــاص |